فراس أتيره و يارا زعارير
بتاريخ 11/1/2021 دخل القرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الادارية (فيما بعد "القانون") حيز النفاذ، والذي جعل من التقاضي الاداري في دولة فلسطين على درجتين: المحكمة الادارية والمحكمة الادارية العليا. فأصبح اختصاص النظر في الطعون الادارية للمحكمة الادارية والتي تكون قراراتها قابلة للاستئناف ممكناً امام المحكمة الادارية العليا.
بالرغم من ذلك، فقد تضمن القانون فترة انتقالية تم بموجبها منح محكمة النقض الصفة الادارية مؤقتاً لحين تشكيل المحاكم الادارية. وبذلك، أصبحت "محكمة النقض بصفتها الادارية" المحكمة المختصة بنظر الطعون الادارية، على ان تكون القرارات الصادرة عنها قطعية وغير قابلة للطعن خلال الفترة الانتقالية. اذ نصت المادة (54/3) على أن "الاحكام التي تصدر عن المحكمة العليا/محكمة النقض بصفتها محكمة إدارية لا تقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن".
بتاريخ 28/10/2021، تم الطعن بدستورية المادة 54/3 أعلاه بموجب الطعن الدستوري رقم 10/2021 لتعارضها مع المادة (30) والمادة (104) والمادة (117) من القانون الأساسي لسنة 2003 وتعديلاته.
وبناءً على هذا الطعن، فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 24/11/2021 قرارها، والذي قضت بموجبه بعدم دستورية نص المادة (54/3) من القرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الإدارية، وذلك لتعارضها مع القانون الاساسي، ولتناقضها ومخالفتها لمبدأ التقاضي على درجتين أمام المحاكم الإدارية ولمبدأ المساواة بين المتقاضين في ذات المراجع القانونية،
ان قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية النص المذكور منذ تاريخ نفاذ القانون، يفتح باب الطعون امام كافة القرارات الصادرة عن "محكمة النقض بصفتها الادارية" بمجرد تشكيل المحاكم الادارية (بما فيها المحكمة الادارية العليا). اذ جاء في حكم المحكمة الدستورية ان "عدم تطبيق النص المطعون بعدم دستوريته لا يعني عدم تطبيقه في المستقبل فحسب، وانما يمتد ليمس صحة النص التشريعي المطعون عليه منذ تاريخ العمل به". وعليه فانه وعند تشكيل المحاكم الادارية، سيصبح امام المتقاضين الحق بالطعن بالقرارات الصادرة عن "محكمة النقض بصفتها الادارية" امام المحكمة الادارية العليا.
بالرغم من ذلك، فان قرار المحكمة الدستورية لم يعالج او يتطرق الى المدة الواجب خلالها استنئاف القرارات الصادرة عن "محكمة النقض بصفتها الادارية". صحيح ان المادة (39) من القانون قد نصت على ان الاستنئاف يجب ان يقدم خلال 30 يوماً من تاريخ صدور قرار المحكمة الادارية، الا ان هذه المدة لا يمكن اعمالها على القرارات الصادرة عن "محكمة النقض بصفتها الادارية" في ظل عدم تشكيل محكمة ادارية عليا حتى اللحظة. اذ برأينا، انه وفي ظل وجود مانع قانوني، وهو عدم تشكيل المحكمة الادارية العليا، فان احتساب مدة الطعن يجب ان يبدأ من تاريخ تشكيل المحاكم الادارية بما فيها المحكمة الادارية العليا.
ومما يعزز الرأي المذكور، ان النيابة العامة والتي تمثل الحكومة في الدعاوى الادارية، قد سطرت كتب للجهات الحكومية -بما فيها مسجل العلامات التجارية- لوقف العمل بالقرارات الصادرة عن محكمة النقض بصفتها الادارية والتريث لحين تشكيل المحكمة الادارية العليا تفادياً لصدور قرارات مغايرة عن المحكمة الادارية العليا في حال تم الطعن بتلك القرارات امامها.
وبناءً على ما سلف، فان كافة القرارات الصادرة عن "محكمة النقض بصفتها الادارية"، اي القرارات الصادرة من تاريخ 11/1/2021 وحتى اللحظة، بما في ذلك القرارات الصادرة في النزاعات الخاصة بالعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية، اضحت، وفقاً لقرار المحكمة الدستورية العليا، قرارات قابلة للاستئناف امام المحكمة الادارية العليا. الامر الذي يستدعي ممن تخاصم امام محكمة النقض بصفتها الادارية وصدر قرار عنها ضد مصالحه، انتظار تشكيل المحكمة الادارية لغايات الطعن بحكم الاخيرة امام المحكمة الادارية العليا.